فصل: قال مجد الدين الفيروزابادي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة يوسف:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
لم يرد فيه سوى أَحاديث واهية.
منها حديث أُبي: «علِّموا أَرقّاءَكم سورة يوسف؛ فإِنَّه أُيُّما مسلمٍ تلاها وعلَّمها أَهلَه، وما ملكت يمينه، هوّن الله عليه سَكَرَات الموت، وأَعطاه القوّة أَلاَّ يحسُد مسلمًا، وكان له بكلّ رقيق في الدّنيا مائةُ أَلف أَلف حسنة، ومثلها درجة، ويكون في جواز يوسف في الجنَّة».
ثمّ قال: «تعلَّموها وعلِّموها أَولادكم؛ فإِنَّه مَنْ قرأَها كان له من الأَجر كأَجر مَن اجتنب الفواحش، وأَجر من غضَّ بصره عن النظر إِلى الحرام».
وقال: «يا علي مَنْ قرأَ سورة يوسف تَقَبّل الله حسناته، واستجاب دعاءَه، وقضى حوائجه وله بكلّ آية قرأَها ثواب الفقراءِ». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

قال البقاعي:
مقصودها وصف الكتاب بالإبانة لكل ما يوجب الهدى لما ثبت فيما مضى ويأتي في هذه السورة من تمام علم منزله غيبا وشهادة وشمول قدرته قولا وفعلا، وهذه القصة- كما ترى- أنسب الأشياء لهذا المقصود، فلذلك سميت سورة يوسف- والله أعلم. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال القرطبي:

سورة يوسف: وهي مكية كلها. وقال ابن عباس وقتادة: إلا أربع آيات منها. وروي أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف فنزلت السورة؛ وسيأتي. وقال سعد بن أبي وقاص: أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا: لو قصصت علينا؛ فنزل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [يوسف: 3] فتلاه عليهم زمانا فقالوا: لو حدثتنا؛ فأنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر: 23]. قال العلماء: وذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن وكررها بمعنى واحد في وجوه مختلفة، بألفاظ متباينة على درجات البلاغة، وقد ذكر قصة يوسف ولم يكررها، فلم يقدر مخالف على معارضة ما تكرر، ولا على معارضة غير المتكرر، والإعجاز لمن تأمل. اهـ.

.قال السيوطي:

سورة يوسف مكية وآياتها إحدى عشرة ومائة.
مقدمة سورة يوسف:
أخرج النحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت سورة يوسف بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال: أنزلت سورة يوسف بمكة.
وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي أنه خرج هو وابن خالته معاذ بن عفراء حتى قدما مكة وهذا قبل خروج الستة من الأنصار فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقلت أعرض علي فعرض عليه الإسلام وقال: «من خلق السموات والأرض والجبال؟ قلنا الله قال: فمن خلقكم؟ قلنا الله قال: فمن عمل هذه الأصنام التي تعبدون؟ قلنا نحن قال: فالخالق أحق بالعبادة أم المخلوق؟ فأنتم أحق أن يعبدوكم! وأنتم عملتموها والله أحق أن تعبدوه من شيء عملتموه وأنا أدعوكم إلى عبادة الله وإلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وصلة الرحم وترك العدوان وبغض الناس».
قلنا: لو كان الذي تدعونا إليه باطلا لكان من معالي الأمور ومحاسن الأخلاق أمسك راحلتينا حتى نأتي البيت فجلس عنده معاذ بن عفراء قال: فطفت وأخرجت سبعة أقداح فجعلت له منها قدحا فاستقبلت البيت فضربت بها وقلت: اللهم إن كان ما يدعو إليه محمد حقا فأخرجه قدحه سبع مرات قال: فضربت فخرج سبع مرات فصحت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فاجتمع الناس علي وقالوا: مجنون رجل صبأ.
قلت: بل رجل مؤمن ثم جئت إلى أعلى مكة فلما رآني معاذ قال: لقد جاء رافع بوجه ما ذهب بمثله.
فجئت وآمنت وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يوسف واقرأ باسم ربك ثم رجعنا إلى المدينة وأخرج ابن سعد عن عكرمة أن مصعب بن عمير لما قدم المدينة يعلم الناس القرآن بعث إليهم عمرو بن الجموح: ما هذا الذي جئتمونا به؟ فقالوا: إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن قال: نعم فواعدهم يوما فجاء فقرأ عليه القرآن {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن حبرا من اليهود دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقه وهو يقرأ سورة يوسف فقال يا محمد من علمكها؟! قال: «الله علمنيها» فعجب الحبر لما سمع منه فرجع إلى اليهود فقال لهم: والله إن محمدا ليقرأ القرآن كما أنزل في التوراة فانطلق بنفر منهم حتى دخلوا عليه فعرفوه بالصفة ونظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه فجعلوا يستمعون إلى قراءته بسورة يوسف فتعجبوا منه وأسلموا عند ذلك وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقرأ في الفجر بسورة يوسف. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في {الر تلك آيات الكتاب المبين}:
هذه السّورة مكِّيّة بالاتِّفاق.
وعدد آياتها مائة وإِحدى عشرة، بلا خلاف.
وكلماتها أَلْف وسبعمائة وستّ وسبعون.
وحروفها سبعة آلاف ومائة وست وستُّون.
وما فيها آية مختلف فيها.
مجموع فواصل آياتها يجمعها قولك (لم نر).
منها آية واحدة على الَّلام: {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.
وما لها اسم سوى سورة يوسف؛ لاشتمالها على قصّته.
مقصود السّورة إِجمالًا: عَرْض العجائب التي تتضمّنها: من حديث يوسف ويعقوب، والوقائع التي في هذه القصّة: من تعبير الرّؤْيا، وحَسَد الإِخْوة، وحِيلهم في التفريق بينه وبين أَبيه، وتفصيل الصّبر الجميل من جهة يعقوب، وبشارة مالك بن دعر بوجْدان يوسف، وبيْع الإِخوة أَخاهم بثمن بَخْس، وعَرْضه على البيع والشراءِ، بسُوق مصر، ورغبة زَلِيخَا وعزيز مصر في شراه، ونظر زَلِيخَا إِلى يوسف، واحتراز يوسف منها، وحديث رؤية البرهان، وشهادة الشاهد، وتعيير النسوة زَليخا، وتحيّرهنّ في حسن يوسف، وجماله، وحبسه في السّجن، ودخول السّاقى والطَّبّاخ إِليه، وسؤالهما إِيّاه، ودعوته إِيَّاه إِلى التَّوحيد، ونجاة السّاقى، وهلاك الطَّبّاخ، ووصيّة يوسف للسّاقى بأَن يذكره عند رَبّه، وحديث رؤيا مالك بن الرّيان، وعجز العابرين عن عبارته، وتذكُّر السّاقى يوسف، وتعبيره لرؤياه في السّجن، وطلب مالك يوسف، وإِخراجه من السّجن، وتسليم مقاليد الخزائن إِليه، ومَقْدَم إِخوته لطلب المِيرة، وعهد يعقوب مع أَولاده، ووصيّتهم في كيفيّة الدّخول إِلى مصر، وقاعدة تعريف يوسف نفسه لبنيامين، وقضائه حاجة الإِخوة، وتغييبه الصّاع في أَحمالهم، وتوقيف بنيامين بعلَّة السّرقة، واستدعائهم منه توقيف غيره من الإِخوة مكانه، وردّه الإِخوة إِلى أَبيهم، وشكوى يعقوب من جَوْر الهجْران، وأَلم الفراق، وإِرسال يعقوب إِيّاهم في طلب يوسف، وأَخيه، وتضرّع الإِخْوة بين يَدىْ يوسف، وإِظهار يوسف لهم ما فعلوه معه من الإِساءَة وعفوه عنهم، وإِرساله بقميصه صحبتهم إِلى يعقوب، وتوجُّه يعقوب من كَنْعَان إِلى مصر، وحوالة يوسف ذَنْب إِخوته على مكايد الشيطان، وشكره لله تعالى على ما خوّله من الْمُلْك، ودعائه وسؤاله حسن الخاتمة، وجميل العاقبة، وطلب السّعادة، والشَّهادة، وتعيير الكفَّار على الإِعراض من الحجّة، والإِشارة إِلى أَنّ قصة يوسف عِبْرة للعالمين في قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ} إِلى آخر السّورة.
وهذه السّورة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ. اهـ.

.قال محمد أبو زهرة:

سورة يوسف سورة مكية، وعدد آياتها إحدى عشرة ومائة، وقالوا: إن أربع آيات هي الأولى والثانية والثالثة والسابعة مدنية، ولا نرى فيها ما يدل معناها على أنها مدنية، والله أعلم.
ولقد كفرت طائفة من الطوائف الخارجة عن الإسلام بإنكارها سورة يوسف، وادعاء أنها ليست من القرآن، وكأن القرآن يخضع بالزيادة والنقصان للأهواء المنحرفة، وإن ادعت التمسك بالدين، فهى تمرق منه مروق السهم من الرمية، وأولئك هم أتباع عبد الكريم عجرو، وإن القرآن كله غير منقوص ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنه تلقاه عن جبريل الرسول الأمين عن رب العالمين مرتلا متلوا، قال تعالى: {... وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}.
وما كان لنا أن نعرف ما دفعهم إلى هذا الإنكار الذي كفروا بسببه، ولكن نذكره لبيان أنه وهم كافرين لم يذوقوا القرآن ولم يعلموه، قالوا إنها قصة غرام، ونزلت دفعة واحدة، والقرآن منزه عن ذكر الغرام والحب، والقرآن نزل منجما، ونقول في الإجابة عن ذلك، إنها قصة المجتمع المصرى، والأسرة الفرعونية التي طغت في البلاد وأكثرت فيها الفساد، وقال قائلهم:... أنا ربكم الأعلى، وبيته على هذا النحو من الانحلال، وهى بينت مغبة الغرام، وكيف يوجد الانحلال، والاستعصام بالفضيلة حيث تفور فورة الرذيلة، ودعوة الوحدانية في وسط الوثنية، وتدبير الاقتصاد، واستعانة الفراعنة بخبراء الاقتصاد حيثما كانوا، وخضوعهم لآرائهم، وتوسيد الأمر لهم، ثم هي تبين مركز مصر الاقتصادى، واستعانة من حولها بها، ثم تثبت نفسية الآباء مع الأبناء، والحسد بين الإخوة، وما ينبغى عند تربية الأولاد.
وإن ما سموه الغرام المنحرف لم يكن إلا في جزء صغير منها، ولم يستغرقه، بل ترددت عباراته، وقد ابتدأته ب: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه...}، وانتهت بدخوله السجن، وهي ثماني آيات، فيها الغرام من جانبها والاستعصام من جانبه، وباقى السورة حكمة واقتصاد وتدبير، وتعاون، ومشقة وصبر، ثم لقاء الأحباب على مائدة المودة والأخوة الودود.
فكيف تسمى سورة غرام إلا ممن انحرف عقله انحرافا منعه من استيعاب السورة.
وإن القرآن لم ينزل كله منجما، فأول سورة التوبة نزل دفعة واحدة، وأكثر سورة الاأعام نزل دفعة واحدة وسورة إبراهيم أكثرها نزل دفعة واحدة.
وإذا كان ممن تسموا باسم من الخوارح من قال هذا القول، فقد كان منهم أيضا، من أجاز نكاح البنات والأمهات والمجوس، وهم- بلا شك- كافرون كإخوانهم.
ونقول: إن أكثرهم كان مؤمنا منحرف العقل، ورضى الله عن علي بن أبي طالب إذ قاتلهم، وقتل منهم مقتلة كبيرة، فقد قال بعد ذلك القتال: ألا تقاتلوهم بعدى، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه.
إن القصص الذي في هود وغيرها، كان في الأرض العربية، ولم يكن فيها من غير البلاد العربية، إلا قصة موسى عليه السلام، وقد ذكر فيها طغيان فرعون، وخضوع أهل مصر له، في نفوسهم، وأفكارهم، وعقولهم حتى ساغ له أن يقول: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} أما قصة يوسف عليه السلام فإنها تناولت ناحية اجتماعية، تعرضت للأسرة، وما يجرى في داخل القصور، وتعرضت للمجتمع المصرى، وانحراف نساء الطبقة التي تسمى راقية، ثم تعرضت للاقتصاد في مصر، وكيف كان يدبره إلى آخر ما جاء في السورة الكريمة، ثم صورت لقاء الأحبة بعد أن فرق الحسد فيما بينهم.
الحسد بين الإخوة في سورة يوسف:
إذا كان الحسد بين ابنى آدم قد حمل أحد الأخوين علئ أن تطوع له نفسه قتل أخيه، فقتله، فالحسد بين يوسف وإخوته على أن يحاولوا أن يلقوه في غيابة الجب.
رأى يوسف رؤيا صادقة، وهو غلام، قال يوسف لأبيه: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} فهم يعقوب الأب الحبيب الذي يؤثر يوسف على إخوته باختصاص بمحبة أكثر لصغره، ومنها أن ليوسف منزله عند الله فوق منزلة إخوته، {لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)}.